******************
إن قلب المرأة لا يتغير مع الزمن ولا يتحول مع الفصول. قلب المرأة ينازع طويلا ولكنه لا يموت. قلب المرأة يشابه البرية التي يتخذها الإنسان ساحة لحروبه ومذابحه، فهو يقتلع أشجارها ويحرق أعشابها ويلطّخ صخورها بالدماء ويغرس تربتها بالعظام والجماجم، ولكنها تبقى هادئة ساكنة مطمئنة ويظل فيها الربيع ربيعاً والخريف خريفاً إلى نهاية الدهور
*************
ما شربت كأساً علقميّة إلا كانت ثمالتها عسلاً.
وما صعدت عقبة حرجة إلاّ بلغت سهلاً أخضر.
وما أضعت صديقاً في ضباب السماء إلا وجدته في جلاء الفجر. وكم مرّة سترت ألمي وحرقتي برداء التجلّد متوهّماً أن في ذلك الأجر والصلاح، ولكنّني لما خلعت الرداء رأيت الألم قد تحوّل إلى بهجة والحرقة قد انقلبت برداً وسلاماً.
وكم سرت ورفيقي في عالم الظهور فقلت في نفسي ما أحمقه وما أبلده ، غير أنّني لم أبلغ عالم السّر حتى وجدتني الجائر الظالم وألفيته الحكيم الظريف.
وكم سكرت بخمرة الذات فحسبتني وجليسي حملاً وذئباً ، حتى إذا ما صحوت من نشوتي رأيتني بشراً ورأيته بشراً.
أنا وأنتم أيّها النّاس مأخوذون بما بان من حالنا ، متعامون عمّا خفي من حقيقتنا . فإن عثر أحدنا قلنا هو الساقط، وإن تماهل قلنا هو الخائر التلف، وإن تلعثم قلنا هو اللأخرس ، وإن تأوّه قلنا تلك حشرجة النزع فهو مائت .
انا وأنتم مشغوفون بقشور(أنا) وسطحيات(أنتم) لذلك لا نبصر ما أسرّه الروح إلى (أنا) وما أخفاه الروح في ( أنتم).
**************
إن المرأة من الأمة بمنزلة الشعاع من السراج، وهل يكون شعاع السراج ضئيلاً إذا لم يكن زيته شحيحاً؟
************
قلت : أنظر أنها تعانقه . كانت إلى أمس فقط تعانقني قال : غدا ستعانقني أيضا قلت عندئذ : يا لها ما امرأة غريبة ولكنه أجابني : إنها شبيهة بالحياة يتمتع بها كل الرجال ,وشبيهة بالموت تقهر كل الرجال ,وشبيهة بالأبدية تحتضن كل الرجال
***********
ان النفس الحزينة المتألمة تجد راحة بانضمامها الى نفس اخرى تماثلها بالشعور وتشاركها بالاحساس مثلما يستأنس الغريب في ارض بعيدة عن وطنها , فالقلوب التي تد نيها اوجاع الكآبة بعضها من بعض لا تفرّقها بهجة الافراح وبهرجتها . فرابطة الحزن اقوى في النفوس من روابط الغبطة والسرور. والحب الذي تغسله العيون بدموعها يظل طاهراً وجميلاً وخالد.
(الاجنحة المتكسرة)
**********
ان المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب , اما المحبة غير المتناهية فلا تطلب غير ذاتها . المحبة التي تجيء بين يقظة الشباب وغفلته تكتفي باللقاء وتقنع بالوصل وتنمو بالقبل والعناق , اما المحبة التي تولد في احضان اللانهاية وتهبط مع اسرار الليل فلا تقنع بغير الابدية ولا تكتفي بغير الخلود ولا تقف متهيبة امام شيء سوى الالوهية .
(الاجنحة المتكسرة)
*********
........"عندما تكون صامتا مصغيا إلى ذاتك العميقة ,في حلمك المستيقظ ,تنثال أفكارك انثيال الثلوج المندوفة ,وتتهاوى وتنتثر وتلف أصداء فضائك بصمت أبيض.
وأي شيء هي الأحلام المستيقظة سوى غمام يبرعم ويتفتح في شجرة سماء قلبك؟ وأي شيء هي أفكارك سوى الأوراق التي تذروها رياح قلبك على الروابي وحقولها؟
وكما أنت تنتظر السلام حتى يتخذ في سريرتك ما لاشكل له,شكلا, كذلك لابد أن يتجمع الغيم ويتراكم إلى أن تشكل الأنامل المباركة أمنيته الدكناء , في بلور صغير من شموس وأقمار ونجوم "
"عندما يأتي الربيع ليلتقي حبيبته في الغياض والكروم الهاجعة , ستذوب الثلوج في الحقيقة , وتجري سواقي تنشد النهر في الوادي , وتحمل الكؤوس لسقيا أشجار الآس والغار.
وكذلك هو شأن الثلج في قلبك , فإنه سيذوب عندما يأتي ربيعك , وكذلك يجري سرك سواقي تنشد نهر حياتك في الوادي , وسياف النهر سرك ويحمله إلى الخضم الكبير ستذوب جميع الأشياء حين يأتي الربيع وتتحول إلى أناشيد , حتى الكواكب وقطع الثلج التي تنهال ببطء على الحقول الفسيحة , ستذوب في سواق تترنم ........"
**********
جلس رجل وامرأة بجانب شباكٍ يطل على الربيع , وكانت جلستهما تجعلهما جدّ متقاربين , فقالت المرأة( أنا أحبك . أنت جميل , وغني , وأنت أبدا" ودائما" على جانب كبيرٍ من الجاذبية.))
وقال الرجل: (( وأنا أحبكِ . أنت فكرة جميلة , بل أنت شيء تسامي عن أن تناله يد. أنتِ أغنية في حلمي!))
غير أن المرأة أدارت وجهها عنه وانفتلت غاضبة" وقالت : (( أرجوك أيها السيد أن تفارقني منذ اللحظة , فأنا لست فكرة , ولا شيئا" يطوف بك في أحلامك. أنا امرأة وأود أن تشتاق إليّ . أن تشتهيني. أنا زوجة وأمّ لأطفالٍ لم يولدوا بعد. ))
وافتراقــا...........
قال الرجل في سره : (( ها هو ذا حلمٌ آخر تبدد منذ الآن , وتحول الى ضباب . ))
وقالت المرأة , وهي تتأمّل وحيدة : (( ما لي ولرجل ٍ يحوّلني الى ضبابٍ وحلـم ؟ ))