الرؤوس والخلجان
الرؤوس (مفردها رأس): ويعني في الجغرافيا الطبيعية، ظاهرة جغرافية تمثل قسماً من اليابسة متقدماً في البحر، تكون نتيجة لعوامل تكتونية ناهضة بجوار الشواطئ البحرية والبحيرية، كنشوء مرتفع انكساري أو التوائي أو بركاني متقدم في البحر وملاصق لليابسة، أو نتيجة لترسيب الأنهار لكميات كبيرة من الرواسب متقدمة في البحر وأعلى من سطحه، كرأس البر شمالي دلتا مصر . كما يمكن أن يتكون نتيجة لصخور صلبة عاتية مرتبطة باليابسة متقدمة في البحر، لم تستطع طاقة الأمواج البحرية وتياراتها أن تسويها بما يجاورها من شواطئ صخرية أقل صلابة، كما يمكن أن يتكون نتيجة لارتباط جزر بحرية بالبر بوساطة أشرطة رملية، ويطلق على هذه الظاهرة اسم التومبولو Tombolo.
تأخذ الرؤوس أشكالاً مختلفة، يمثل بعضها شكل لسان قاري في البحر أو شكل زوايا معكوسة لرؤوس مثلثات ذات أضلاع متعرجة، مستقيمة، محدبة أو مقعرة. كما يمكن أن تكون الحواف النهائية ذات أشكال مستطيلة أو شبه منحرفة متعرجة أو محدبة أو معقوفة.
يمكن الاستفادة من مقدماتها في البحر مواضع منارات لإرشاد السفن، كما يمكن توظيفها مكاسر للأمواج البحرية أو كأرصفة تحمي ماوراءها من سفن بحرية راسية بعد تجهيزها عمرانياً، كما تعد نقطة مراقبة متقدمة في البحر ذات أهمية استراتيجية عسكرية لحماية المياه الإقليمية والحدود البحرية التي تليها.
الخلجان: تعد قسمًا من البحر متقدما في داخل اليابسة. لها دراسات تضاريسية (جيومورفولوجية) مستفيضة، ولاسيّما أن بعضها مرتبط في تكوينه بعوامل تكتونية باطنية : كما هو حال خلجان الشواطئ الدالماسية والبروتانية ذات البناء الإلتوائي، وخليج جزيرة (بركان) كراكاتوا الذي خلفته ثورة بركانية عام 1883، فأطاحت بما يعادل 33 كم 2 من مساحة الجزيرة وفوهة البركان في الفضاء، وقس على ذلك خليجي السويس والعقبة الإنكساريين.
وبعضها الآخر مرتبط بالنشاط الظاهري للطاقة المائية الجارية كخلجان المصبات النهرية ria في إسبانيا والشبكات المائية المغمورة estuairs كخليج شيزابيك شرقي الولايات المتحدة، وتسمى في مسقط وعمان خور، والأودية الجمودية المعلفية كالفيوردات fjords في النروج، بعضها شديد الاتساع كخليج المكسيك وخليج البنغال.
الرؤوس في سورية
هناك في سورية رأسان بحريان رئيسان هما: رأس البسيط ورأس ابن هانئ، يفيدان في تكسير الأمواج البحرية، يحمي الأول مراكب الصيادين في الخليج المسمى باسمه، كما يقوم الثاني بالدور ذاته، إضافة إلى تشييد المنشآت السياحية على قسمه الشرقي كمنتجعات الميريديان Meridian والشاطئ الأزرق Cote d’Azure والمدينة السياحية الشمالية.
يقع رأس البسيط في المنطقة المسماة باسمه، المشهورة بغاباتها وآثارها، له شكل مثلث قائم الزاوية. ترجع معظم تكويناته الصخرية إلى ما قبل الترياسي، يتقدمه لسان متطاول نحو الغرب، متعرج الجوانب، بطول 2كم، من الصخور الكلسية العضوية الكتلية والكونغلوميرات العائدة لطابق الهلفسيان من دور النيوجين. شيدت بجوار خليجه بلدة بوزيديوس التاريخية. وهو الآن قبلة سياحية مهمة.
أما رأس ابن هانئ فيقع شمالي مدينة اللاذقية، ويمتد باتجاه غرب جنوب غرب، على شكل لسان متطاول ( 2كم ×0.5كم)، متعرج الجوانب، من الصخور الكلسية الفتاتية الصلبة العائدة للبلايستوسين البحري الأدنى والأوسط.
الخلجان في سورية
ليس ثمة خلجان مهمة معروفة خارجياً في سورية، باستثناء خليج عكار المشترك مع الجمهورية اللبنانية، الذي يتصف في سورية بشواطئه الرملية، شبه المستقيمة، الممتدة مابين مصب نهر الكبير الجنوبي وطرطوس . أما بقية الخلجان فهي صغيرة جدا، وقل أن يتجاوز مجالها المحمي من الأمواج، والصالح لرسو المراكب بضعة هكتارات، كما أن أعماقها محدودة لاتصلح لرسو السفن ذات الغاطس الذي يزيد على 5 أمتار. تستغل اليوم مراسيَ لمراكب الصيادين السوريين. كما يستعمل بعضها الآخر في طرطوس كمحطة لنقل الأشخاص والسلع إلى جزيرة أرواد. كان لها دور اقتصادي وعسكري وحضاري مهم في التاريخ بوصفها مناطق حدودية لتلاقي الحضارات المتوسطية وخاصة أيام الممالك الكنعانية. يعد ما يجاورها اليوم مناطق استجمام ورياضات بحرية وأهم هذه الخلجان: خليج البسيط، وخليج أم الطيور، وخليج الضامات، وخليج مينا البيضاء، وخليج القبان (الشاطئ الأزرق)، وجون اللاذقية، وخليج اللاذقية (مرفأ اللاذقية التاريخي القديم)، وخليج جبلة (المرفأ)، وخليج سوكاس، وخليج طرطوس (المرفأ القديم).