من المعاني الوجدانية التي عندنا معنى نسميه بالحب كما في موارد حب الغذاء وحب النساء وحب المال وحب الجاه وحب العلم،
، فالحب بحسب الحقيقة بين القوة الغازية وبين فعلها، وما تجده عند الفعل من اللذة، ولسنا نعني باللذة لذة الذائقة فإنها من خوادم الغازية وليست نفسها، بل الرضي الخاص الذي تجده القوة بفعلها، ثم إذا اختبرنا حال حب النساء وجدنا الحب فيها يتعلق بالحقيقة بالواقع، وتعلقه بهم وبالتالي، كما كان حب الغذاء متعلقاً بنفس الغذاء فإن الإنسان يستكمل نوع استكمال بالمال والجاه والعلم.
ومن هنا يستنتج أن الحب تعلق خاص وانجذاب مخصوص شعوري بين الإنسان وبين كماله، وقد أفاد التجارب الدقيق بالآثار والخواص أنه يوجد في الحيوان غير الإنسان، وقد تبين أن ذلك لكون المحب فاعلاً أو منفعلاً عما يحبه من الفعل والأثر ومتعلقاً بتبعة بكل ما يتعلق به كما مر في حديث الأكل والفاكهة، وغير الحيوان أيضاً كالحيوان إذا كان هناك استكمال أو إفاضة لكمال مع الشعور.
ومن جهة أخرى، لما كان الحب تعلقاً وجدياً بين المحب والمحبوب كانت رابطة قائمة بينهما، فلو كان المعلول الذي يتعلق به حب علته موجوداً ذا شعور وجد حب علته في نفسه لو كان له نفس واستقلال جوهري.
ويستنتج من جميع ما مر، أن الحب تعلق وجودي وانجذاب خاص بين العلة المكملة أو ما يشبهها وبين المعلول المستكمل أو ما يشبهه، ومن هنا كنا نحب أفعالنا لاستكمالنا بها ونحب ما يتعلق به أفعالنا كغذاء نتغذى به، أو زوج نتمتع بها، أو مال نتصرف فيه، أو جاه نستفيد به، أو منعم ينعم علينا، أو معلم يعلمنا، أو هاد يهدينا، أو ناصر ينصرنا، أو متعلم يتعلم منا، أو خادم يخدمنا، أو أي مطيع يطيعنا وينقاد لنا، وهذه أقسام من الحب بعضها طبيعي وبعضها خيالي وبعضها عقلي.
أن الحب لما كانت رابطة وجدية ـ والروابط الوجودية غير خارجة
الوجود عن وجود موضوعها ومن تنازله أنتج ذلك أن كل شيء فهو يحب ذاته، وقد مر أنه يحب ما يتعلق بما يحبه فيحب آثار وجوده، ومن هنا يظهر أن الله سبحانه يحب خلقه لحب ذاته، ويحب خلقه لقبولهم إنعامه عليهم، ويحب خلقه لقبولهم هديته.
أن لزوم الشعور والعلم في مورد الحب إنما هو بحسب المصداق وإلا فالتعلق الوجودي الذي هو حقيقة الحب لا يتوقف عليه من حيث هو، ومن هنا يظهر أن القوى والمبادئ الطبيعية غير الشاعرة لها حب بآثارها وأفعالها.
يستنتج مما مرّ أن الحب حقيقة سارية في الموجودات</Pم