الشيخ صالح العلي
مقابلة مع القائد الفرنسي ( بيلوت )
• ما دفعك إلى أن تثور علينا ؟
__ حب الوطن
• وما أخرك عن الاستسلام ؟
__ لم يكن ذلك خوفاً من الاستشهاد في سبيل الله والوطن وإنما صوناً لكرامة الجهاد
• هل اقتنعت الآن بعدم جدوى الثورة على دولة فرنسا القوية ؟
__ لو أمكننا الحصول على السلاح و العتاد لما تركنا ساحة القتال وإذا كانت فرنسا قوية فحقنا أقوى
__ إن فرنسا العادلة قدرت بطولتك فمنحتك هذا العفو وأنقذتك من الإعدام
__ أتريد أن أصارحك الرأي فما تقول ؟ __ لا بأس ..... قل .
__ أما قولك إن فرنسا عادلة فلو كانت عادلة لما أقدمت على احتلال أرض العرب الذين وقفوا إلى جانبها في الحرب أملاً بنيل الاستقلال ولما قتلت ألوف الأبرياء من الشباب و الشيوخ و النساء و الأطفال لأنهم يطالبون بحريتهم ولما هدمت الدور وأحرقت القرى ونهبت الأموال و استباحت الحرمات تشفياً و انتقاماً منها فهل تسمي هذه عدالة ؟
_ أما قولك أن فرنسا قدرت بطولتي فأنا لست إلا واحداً من المدافعين من هذا الوطن وكلهم أبطال فدائيون لو استطاعوا الحصول على السلاح لواصلوا جهادهم .
_ أقولك إن فرنسا منحتني العفو فأنا لست مجرماً حتى أحتاج إلى عفو وإنما مدافع عن حق وطني و إنسانيتي وكرامتي
_ وأما قولك : إن دولتكم أنقذتني من الإعدام .... فنحن نؤمن أن الأجل بيد الله لا بيد أحد غيره .
وقد شهدت عشرات المعارك مع جنودكم فلم يقتلني رصاصهم ولو حان أجلي ما أنقذني أحد .....
و الإعدام لا يرهبنا فنحن نطلب الموت حتى توهب لنا الحياة والذي وهب الحياة لنا : هو الذي يأخذها .......
وكان (( بيلوت )) يسمع هذا الحديث وهو يتململ في مقعده عابس الوجه مقطب الجبين يكاد يتميز غيظاً و حنقاً وقد سؤلت له نفسه أكثرة من مرة أن يطلق مسدسه على الشيخ الجريء الذي يجرح سياسة فرنسا لا يبالي بسطوتهم ولا يهاب بطشهم و أدرك بيلوت أن إطلاق مسدسه لا ينقذ كبرياء فرنسا ولا يقل المذلة تلك الكلمات التي أطلقها الشيخ الثائر على أعداءه فكانت أشد من إطلاق المسدس الذي يحمله بيلوت واصطنع بيلوت الهدوء ثم أرغم شفتيه على ابتسامة مصطنعه . وقال :
إن دولة فرنسا معجبة بذكائك ونباهتك وتريد أن تكون صلتك بها قائمة على الصداقة والوئام ولكي تؤكد حسن نيتها فإنها تعرض عليك التعاون معها على إدارة البلاد فتكون أنت الحاكم السوري الأول تساعد الحاكم الفرنسي على أعمال إدارة و التنظيم .
• أتريدني على التعاون مع الذين ظلموا وطني ؟ .... إن الله تعالى يقول في كتابه الكريم : (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار )) .
فثارت ثائرة بيلوت لهذا الجواب الصارم .
وقال الحاكم بيلوت : عليك أن تقيم في بيتك فلا تغادره إلا بإذن منا .
• هل حولتم العفو إلى سجن ؟
_ أنت تأبى التعاون معنا
_ كيف يتعاون الذئب والحمل
فصاح بيلوت حانقاً :
لقد جئنا لتمدينكم لا لافتراسكم و يبدو أنكم لا تقدرون نعمة المدينة .
_ بل هي عبودية ألبستموها ثوب المدينة زوراً .